شهدت أحداث سيول الأمطار والأودية في منطقتي غات وتهالا وما جاورها في الجنوب الغربي، عديد الشائعات والمعلومات المٌضللة والتخبط الحكومي في إدارة الأزمة والتشكيك في صحة البيانات والمعلومات التي يصدرها المسؤولون الحكوميون حول وفاة مدنيين جراء السيول، مما سبب ربكةً لأهالي تلك المناطق وذويهم.
تصريحات الجهات الرسمية كان لها دور في انتشار الأخبار الكاذبة والزائفة منذ بداية الأزمة فيما يتعلق بأعداد الوفيّات وضحايا السيول، حيث انتشر ومنذ الليلة الأولى ادّعاء تصريح المتحدث الرسمي باسم جهاز الإسعاف والطوارئ أسامة علي مفاده أن السيول أودت إلى وفاة 3 أطفال بغات، هذا الادعاء الذي تلاه نفي المتحدث باسم غرفة الطوارئ غات لصحته كان من أوائل الأخبار الكاذبة التي لاقت انتشارًا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي.
المنصات الإخبارية انقسمت بين من تناقلت تلك الأخبار دون التثبت من مصدرها وصحتها لمواكبة الحدث، وأخرى نقلتها محملةً مسؤولية صحتها لمن صرح بها في إشارة إلى جهاز الإسعاف والطوارئ.
فيما تنوعت وسائل التضليل والتزييف للحقيقة ما يجري في المناطق الحدودية بالجنوب الغربي بين نشر فيديوهات وصور لغرق مواطنين أو سيارات أو ممتلكات جراء السيول التي غمرت مناطق بلديات غات وتهالا وغيرها، ليتضح فيما بعد إنها فيديوهات قديمة تعود إلى كارثة فيضانات درنة شرقي ليبيا وفيديوهات أخرى تعود إلى بعض الدول العربية واليمن.
ولعلّ اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي هي المصدر الأساسي في تناقل الأخبار ومتابعة مستجدات السيول الجارفة التي ضربت بلدات الجنوب الغربي، وظف العديد من مستخدمي الشبكات الاجتماعية ترويج فيديوهات ومعلومات غير دقيقة أو مٌضللة حول الوضع هناك، بهدف إثارة مشاعر المواطنين والجمهور وجذب الاهتمام وتذكير المواطنين بما حدث في مدينة درنة ومناطق الجبل الأخضر في شهر سبتمبر الماضي.
بالإضافة إلى أن أغلب الفيديوهات التي نُشِرَت كان القاسم المشترك فيها هو الغرابة، حيث لم تقتصر على غرق سيارات جراء السيول بشكل اعتيادي ومتوقع، وإنما كان محتواها يعتمد على معيار الاختلاف عن الطبيعي لجذب انتباه المشاهد تبعا لكون المحتوى غير الاعتيادي والمتوقع لافتا للانتباه أكثر ومشبعة للفضول بشكل أكبر، فأحد تلك الفيديوهات مثلا كان محتواه هو دفع سيارة دفع رباعي في وجه تيار المياه لسيارة أخرى بهدف إخراجها من السيول، وفيديو آخر لشُبان يظهر أنهم قد نجوا من انقلاب سيارتهم، وخرجوا منها والسيول تغمر المكان من كل جانب.
تذكرنا الأزمات المُتتالية التي تعيشها ليبيا، أهمية الالتزام بالمعايير المهنية في تناقل الأخبار وصناعتها ورصد وتفنيد الادعاءات الكاذبة والمعلومات المٌضللة التي تزيد تعميق الأزمات والكف عن انجرار مستخدمي الشبكات الاجتماعية وراء الشائعات والفيديوهات المُفبركة دون التثبت من مدى صحتها، وهنا يأتي دور مدققو الحقائق على نحو رئيسي في مراقبة والتحقق من المعلومات الضارة أو المٌضللة.