خطاب الكراهية

  • مفهوم الكراهية

طور المركز الليبي لحرية الصحافة منهجية بحثية قائمة على الرصد الكمي والنوعي لمراقبة وسائل الإعلام الليبية الرقمية بالاستناد للمعايير المهنية العالمية والممارسات الأخلاقية في المؤسسات الإعلامية.

تقوم عملية الرصد على إحصاء عدد تكرارات خطابات الكراهية والنزاعات المٌسلحة بالإضافة لعدد تكرار الإخلالات المهنية المتعلقة بالأخبار الزائفة أو المضللة، حيث يقوم الراصدون بتعبئة قاعدة البيانات الرقمية التي تتكون من عدة متغيرات لتصبح قاعدة بيانات تحتوي الأرقام والإحصائيات التي تساعد على احتساب وقراءة نسبة الإخلالات وطبيعتها.

يتم خلال عملية الرصد تعبئة 14 خانة تتضمن العديد من التصنيفات وتبدأ باسم المؤسسة الإعلامية التي يتم رصدها، وعددها 20 مؤسسة إعلامية، والأشكال الصحفية، ومنتج أو مصدر الخرق واسمه، إضافة لتصنيفات خطابات الكراهية والنزاعات المسلحة، وتصنيفات الأخبار الزائفة والجهة المستهدفة وجنسها، والجمل التي تتضمن خروقات مهنية وروابطها.

يعتبر التعريف الأمريكي من أول التعريفات، وقد صدر سنة 1993م ضمن قانون “الاتصالات السلكية وغير السلكية وإدارة المعلومات” الذي أصدره الكونغرس الأمريكي، وقد عرّف خطاب الكراهية بأنه “الخطاب الذي يدعو إلى أعمال العنف أو جرائم الكراهية، والخطاب الذي يخلق مناخًا من الكراهية والأحكام المسبقة التي قد تتحول إلى تشجيع على ارتكاب جرائم  إرهابية”.

وفي أغلب الديمقراطيات لا يعتبر خطاب الكراهية شكلًا من أشكال حرية التعبير التي تحميها القوانين، كما أنه لا يأخذ شكلًا معينًا وهو الكلام المباشر الواضح، فقد يكون بالتصرف أو الإيحاء أو الكتابة أو حتى الإشارة، غير أنه من الضروري إجراء تمييز دقيق بين أشكال التعبير التي يجب أن تشكل جُرمًا بموجب القانون الجنائي، وأشكال التعبير غير المعاقب عليها جنائيًا ولكنها قد تبرّر رفض دعوة مدنية، وأشكال التعبير التي لا تستوجب إنزال جزاءات، ولكنها قد تثير شواغل فيما يتعلق بالتسامح والكياسة والاحترام مثل العنصرية في الرياضة.

 وأكثر مفهوم للكراهية استعمالًا هو ما وضعته منظمة “المادة 19” مع العديد من خبراء الإعلام و القانون ضمن ما يعرف بـ”مبادئ كامدن”، وهو أنها “حالة ذهنية تتسم بانفعالات حادة وغير عقلانية من العداء والمقت والاحتقار تجاه المجموعة أو الشخص المحرض ضده”، وتقدم في هذا الإطار التحديدات الضرورية الآتية:

إن كلمة الكراهية أو العداء تشير إلى مشاعر قوية وغير عقلانية من الازدراء و العداوة و البغض تجاه المجموعة المستهدفة.

إن كلمة دعوة تشير إلى وجود نية لترويج البغض للفئة المستهدفة وبطريقة علنية.

إن كلمة تحريض تشير إلى المجموعات القومية أو العرقية أو الدينية والتي تؤدي إلى خطر وشيك؛ لوقوع التمييز أو العدائية أو العنف ضد أشخاص ينتمون إلى تلك المجموعات.

إن الترويج الإيجابي لهوية مجموعة معينة لا يشكل خطاب كراهية.

على الدول أن تمنع الإنكار أو التغاضي عن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب فقط عندما تشكل هذه التصريحات خطاب كراهية.

على الدول ألا تمنع انتقاد أو مناقشة الأفكار أو المعتقدات أو الأيديولوجيات أو الديانات أو المؤسسات الدينية إلا عندما يشكل ذلك خطاب كراهية.

على الدول أن تضمن للأشخاص الذين تكبدوا أضرارًا حقيقية نتيجة خطاب الكراهية لهم الحق في الانتصاف الفعّال بما في ذلك التعويض المدني عن الأضرار.

على الدول أن تعيد النظر في إطارها القانوني لضمان أي ضوابط تتعلق بخطاب الكراهية تحترم حرية التعبير.

 

المعايير الدولية والإقليمية لحرية التعبير وحظر خطابات التحريض

 نصت المادة (20) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حظر خطاب الكراهية، وذلك بأن تُحظر بالقانون أي دعاية للحرب أو أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف 

كما حظرت المادة (4) من الاتفاقية الدولية كافة أشكال التمييز العنصري وخطابات الكراهية بشكل واضح، واعتبرت المادة (5) كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو التحريض على هذه الأعمال ضد أي عرق أو أي جماعة من أي لون أو أصل إثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية بما في ذلك تمويلها اعتبرت كل ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. 

ولا يفوتنا أن ننوه أن المادة (29) من الاتفاق السياسي الليبي الذي وقع في الصخيرات المغربية بشهر ديسمبر عام 2015 نصت على التزام كل الأطراف بعدم القيام أو المشاركة في أية حملة إعلامية تهدف إلى التحريض أو الترويج إلى أي شكل من أشكال العنف أو الكراهية، أو تهديد السلم الأهلي والوحدة الوطنية لأي سبب من الأسباب.

  • تصنيف خطاب الكراهية

ويتم تصنيف الإخلالات المهنية المٌتعلقة بخطاب الكراهية والنزاعات المسلحة وفقاً للآتي :

التحريض هو: دعوة الجمهور بصورة مباشرة أو غير مباشرة للقيام بفعل ضد أفراد أو مجموعات، باستخدام إحدى طرق الإعلان، على أن يكون الخطاب موجهًا ضد أفراد أو مجموعات محددة ولو بشكل غير مباشر باستخدام الاستعارات والمجازات مثلًا، وينقسم التحريض الذي يترتب على خطاب الكراهية إلي عدة صور 

1 . الدعوة للعنف أو القتل: عرّفت منظمة الصحة العالمية العنف بأنه “الاستخدام العمدي للقوة البدنية أو السلطة ضد شخص أو مجموعة بطريقة تؤدي للجرح أو الموت أو الأذى النفسي أو البدني”، وهي الأكثر خطورة من خلال تبني خطابٍ تحريضي يدعوا الجمهور بشكل واضح إلى تبني سلوك عنيف لارتكاب الجريمة.

وتعتبر كل دعوة مباشرة أو غير مباشرة للجمهور لممارسة العنف ضد أفراد أو مجموعات بناء على أحد أسـس التمييز العنصري سالفة البيان، تحريضًا على العنف ومحظورًا قانونًا، ويجب تجريمه جنائيًا إذا أدى هذا التحريض إلى وقوع عنف بالفعل.

  1. 2. التحريض والسب والتشهير: عُـرفت العداوة بأنها “كل فعل مبني على حالة ذهنية متطرفة من الكراهية والمقت تجاه أفراد أو مجموعات محددة والولوغ في سبهم وقذفهم، أو الخوض في حياتهم الشخصية أو الإساءة لتاريخهم أو سمعتهم  وجميعها تعد من قبيح الكلام، ويقصد بها أي صور أو كلمات أو جمل أو رسومات تحمل الاستهجان والتحريض أو الشتم بما يمس من كرامة الآخرين.
  2. 3. التحقير والمس بكرامة الإنسان : وهنا يقصد بها الإساءة المباشرة للإنسان، ووصفه بنعوت تمس من كرامتهم فضلاً عن احتقارهم، وأي صفات قد تمس من كرامتهم وإنعاتهم بنعوت كالحيوانات أو الهمجيين أو غيرها .
  3. هتك الأعراض والوصم: وهي إطلاق أي مسيمات وإلصاقها لأشخاص بشكل غير مرغوب للفرد ، يؤثر عليه اجتماعياً ونفسياً، فضلاً عن الولوغ في حياته الشخصية والحديث علاقته الإنسانية أو الاجتماعية وجميع ما يعد هتكا لأعراض الناس.
  4. 5. التمييز القائم على أساس اللون أو الجنس أو الدين :هو كل دعوة موجهة للجمهور بإحدى طرق الإعلان، وأي فعل من شأنه إضعاف أو منع تمتع أفراد أو مجموعات على قدم المساواة مع غيرهم من الناس بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو أي مجال من مجالات الحياة العامة.
  5. نشر صور وفيديوهات القتلى وعائلاتهم:  وهي عملية نشر أو بث أي محتوي بصري  يثير الشفقة لضحايا الحرب أو لقطات لعائلاتهم بشكل لا يحترم إنسانتهم أو كرامتهم بهدف سياسي أو عسكري وليس لمكانه الصحيح في إظهار الحقائق.
  6. نشر صور أو فيديوهات للأسري وضحايا الحرب:  وهي تتكرر بشكل كبير في سياق الإعلام الليبي حيث تُنشر صور أو فيديوهات لأسري بشكل  مريب دون أي محاكمات عادلة لهم، بهدف التفشي منهم والمقايضة بهم، ولابد من التذكير بأن إرغام الأسرىبالحديث أمام كاميرا يعد خرقاً للقانون الدولي الإنساني وقانون العقوبات الليبي.
  7. عدم الدقة والموضوعية في تغطية النزاع المسلح الجاري : عدم الدقة  هي نشر اخبار غير مؤكدة   تحمل تأويلات ومبالغات مع تحريف للوقائع وهي أخبار لا  يتناول فيها كل زوايا الموضوع وكل الاطراف المشاركة والاكتفاء بوجهة نظر واحدة, أما عدم  الموضوعية فتعرف اكاديمياُ بأنها خلط الاحكام الانفعالية والشخصية في نقل الأحداث والاخبار  وهي تعني التحيز لطرف على حساب الآخر مع اهمال السياقات ودون إسناد المعلومات والمعطيات لمصادر موثوقة.
  • تصنيف الأخبار المٌضللة

أم فيما يتعلق تصنيف الإخلالات المهنية المٌتصلة بالأخبار المٌضللة أو الزائفة ، فهي كالتالي :

يعد  الكشف عن الأخبار المٌزيفة سهلاً للغاية من خلال اتباع خطوات بسيطة لكشف التزييف في عصر الإعلام الجديد  لكن علينا تعريف أنواع الأخبار الزائفة والكاذبة وهي كالتالي: 

  1. الخلط بين الرأي والخبـر: وهي الأسهل للتعرف عليها، تأتي بذكر حدث ما وإعطاء مساحة أكبر لتوجيه القارئ بآراء لا تمت للخبر بأي صلة، هدفها الأول هو خلط الخبر بالرأي بهدف توجيه والتأثير على قرارات القارئ، وهي تبدو للوهلة الأولي حقيقية .
  2. الاتهامات دون أدلة: وهي توجيه تهم مباشرة لأشخاص أو جماعات وإثارة الرأي العام بها دون وجود أي سند قانوني لهذه التهم ، وتنتشر كثيراً في الإعلام الليبي.
  3. الأخبار المُضللة أو المنحازة: هذه أصعب من سابقتها في الحكم، فهي تحتوي جزءًا حقيقيًا في معظم الأحيان، كحقيقة معينة أو حدث أو حتى اقتباس، لكن كلّها مأخوذة من سياق معيّن، وبدون هذا السياق يختلف معناها تمامًا، أم المتحيزة فهي تشرح وقائع او أخبار حقيقية لكن بجهة متحيزة وتابعة لأجندة معينة بشكل واضح.
  4. العناوين المثيرة والكاذبة: وهي عناوين مثيرة للدهشة أو الاستغراب، تدفعك للضغط عليها للاستزادة من المعلومات، قد تكون حقيقيةً أو كاذبة، وأغلبها تستخدم لتضليل القارئ.
  5. نشر الإشاعات: وهي محاولة التأثير على سمعة الآخرين أو تشويهها من خلال نشر معلومات مغلوطة لا تمت للحقيقة بصلة، وتهدف للضغط على الآخرين أو إلحاق ضرر بنفسيتهم.
  6. فبركة الصور أو الفيديوهات: وهو أسلوب زاد استخدامه ويوضح حالة التزييف العميق من خلال فوتوشوب  للصور أو المكساح للفيديوهات وإظهار هالة لتضليل القراء.