معايير المواجهة القانونية للتحريض الناتج عن خطابات الكراهية

تتباين الآراء بشأن طبيعة المواجهة القانونية لصور التحريض المختلفة سواء أكان تحريضًا على العنف أم على العداء والكراهية أم على التمييز العنصري، وهناك ضرورة لتبني صور مختلفة للتدخل القانوني بحسب اختلاف نوع التحريض، وفي كل الأحوال استقر الفقه الدولي على ضرورة أن يكون العقاب الجنائي هو آخر أداة تلجأ لها الدولة لمواجهة التحريض.

يجب أن تقتصر مواجهة التحريض على العداء والكراهية، والتحريض على التمييز العنصري الذي لا ينتج عنه عنف، على الطريق المدني الذي يمنح ضحية التحريض الحق في الحصول على التعويض المدني المناسب لجبر الضرر الواقع عليه جراء هذا التحريض.

إضافة إلى ذلك يجب أن يكفل القانون الحق في الشكوى لضحايا التحريض على الكراهية أو التمييز، مع إنشاء هيئة داخل الجهاز القضائي لتلقي هذا النوع من الشكاوى، كذلك يجب أن يكفل القانون حق الضحايا في الرد على الوقائع المنسوبة إليهم في خطابات التحريض، والحق أيضاً في تصحيحها إذا ارتُكب فعل التحريض من خلال وسائل الإعلام أو الصحافة.

 

مواجهة التحريض بالطرق الإدارية

يجب قصر المواجهة القانونية للتحريض على الكراهية في سياقات محدودة على الطرق الإدارية، إذا ارتُكبت أفعال التحريض بمناسبة مباشرة موظف عام أو خاص لمهام وظيفته، دون الحاجة إلى اللجوء إلى الطرق الجنائية طالما لم يترتب على هذا التحريض أي صورة من صور العنف، ومثال ذلك أعضاء مجلس النواب أو العاملين بمجال الإعلام والصحافة وغيرها من الوظائف التي تتيح لشاغليها التعامل مع قطاعات واسعة من الجماهير، ففي هذه الحالة يجب تفعيل الجزاء الإداري بدلًا من العقاب الجنائي.

 

مواجهة التحريض بالطريق الجنائي

يجب أن تقتصر الطرق الجنائية على مواجهة التحريض على العنف فقط؛ لخطورة النتائج المترتبة على سلوك الطرق الجنائية من عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية، فضلًا عن أن الطرق الجنائية أكثر اتساقًا من النتائج التي تترتب على التحريض على العنف مثل القتل أو الجرح أو الإيذاء البدني، وهي أفعال مجرمة، وفقًا لأي قانون عقابي.