رفع الدعم عن المحروقات بين تصريحات الدبيبة وردّة فعل منصات التواصل


ملخص تنفيذي

خلصت نتائج البحث والرصد حول تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الديبية بشأن رفع الدعم عن المحروقات، إلى أن القرار قوبل بالغضب والإحباط وعدم رضا الجمهور عن القرار، فيما أعرب مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من تأثير القرار على الاقتصاد وتنامي الفقر وتزايد الاضطرابات الاجتماعية، وهو ما دفع حكومة الوحدة الوطنية إلى تأكيد نفي نيتها رفع الدعم عن المحروقات إلا بعد إجراء ما أسمته “الاستعلام الوطني”.

كانت أغلبية الإشارات حول رفع الدعم عن المحروقات سلبية إذ رفض 40% من الآراء رفع الدعم، ووافق 7.9% فقط، وكانت النسبة الأعظم هي المحايد بنسبة بلغت 52%، فيما كانت أكثر الكلمات المفتاحية استخداماً عبر مواقع التواصل الاجتماعي محليا هي “ليبيا، دعم، مواطن، الدبيبة، الحكومة ”

وصل عدد الإشارات للموضوع أكثر من 2433 إشارة، فيما بلغ عدد الوصول للموضوع عبر وسائل التواصل الإجتماعي 48.3 مليون مستخدم ، 22 مليون منهم عبر موقع إكس (تويتر)، و19 مليونا عبر موقع فيسبوك، فيما كانت نسبة الوصول عبر موقع يوتيوب 6.4 ملايين،وقد جاءت غالبية الإشارات بنسبة 63% من موقع فيسبوك وهي المنصة الأكثر شعبية في ليبيا، فيما بلغت نسبة الوصول عبر موقع إكس (تويتر) 12.% ، يليها المواقع الإلكترونية بنسبة بلغت 22%، وأخيراً موقع يوتيوب بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 2%.

وجاءت تعليقات المٌستخدمين للتعبير عن مخاوفهم من تأثير قرار رفع الدعم عن الاقتصاد الوطني وتنامي الاضطرابات الاجتماعية وتزايد غلاء نقل السلع التموينية.

الموضوع

أثارت تصريحات رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة جدلًا واسعًا في ليبيا، حيث عبر كثير من المواطنين عن رفضهم له. واعتبروا أن القرار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود بشكل كبير، مما سيزيد من معاناتهم المعيشية. كما اتهموا الحكومة بالتقصير في مكافحة تهريب الوقود، وأن رفع الدعم لن يؤدي إلى حل المشكلة.

المُقدمة

في أعقاب تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات في ليبيا، التي تراجع عنها لاحقا، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً وتصاعد الاستنكار الشعبي، وعدم الرضا على القرار وتأثيره على حياة المواطنين في ليبيا، وما له من تأثيرات اقتصادية، وتزايد التكاليف المُرتبطة بذلك.
في 8 يناير الماضي، خلال اجتماع لجنة دراسة بدائل المحروقات صرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة خلال الاجتماع بأن “القرار قد اٌتخذ بشأن رفع الدعم عن المحروقات ” دون توضيح حيثيات القرار وتفاصيله، وهو ما أثار ردود فعل واسعة بين المسؤولين والمواطنين، تراجعت حكومة الوحدة الوطنية عن تصريحات رئيسها، موضحة أن القرار لا يزال قيد الدراسة مع استمرار عمل اللجنة بهذا الشأن، فيما صرح مسؤولون آخرون بأن الحكومة ستجري ما أسمته “الاستعلام الوطني” وإنها أنشأت لجنة استطلاع آراء المواطنين.
فيما أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية قراراً بإنشاء ما أسمته ” اللجنة العٌليا للاستطلاع الوطني” للتعامل مع قضايا المواطنين بشكل مُستدام وتٌعنى باستطلاع آراء المواطنين تجاه قضاياهم، وتضم بعضويتها عشر جهات حكومية أخرى.

يُعد قرار رفع الدعم عن المحروقات أمرا غاية في الأهمية ويأتي بعد سنوات طويلة من الجدل والنقاشات المعمقة، وبعد تنامي ظاهرة تهريب الوقود عبر الحدود البحرية والبرية وتورط العديد من قادة الجماعات المسلحة والقوات النظامية في تهريبه وفقاً لتقارير لجنة الخبراء بالأمم المتحدة.

تواجه سياسة دعم المحروقات في ليبيا انتقادات حادة بسبب العبء المالي الكبير الذي تتحمله وفعاليتها المشكوك فيها. أنفقت الحكومة الليبية ما يقرب من 82 مليار دينار ليبي على الدعم في عام 2022، أي ما يعادل 39٪ من إجمالي إيرادات النفط للدولة. يثير هذا الإنفاق المفرط مخاوف بشأن عدالة وكفاءة برنامج الدعم الحكومي للمحروقات وفقاً لتقارير ديوان المُحاسبة الليبي.

يبدو أن جزءًا كبيرًا من الدعم يتم تحويله بعيدًا عن المستفيدين المقصودين، لا سيما قطاع الكهرباء. يعتمد هذا القطاع بشكل كبير على الغاز الطبيعي المدعوم والوقود الخفيف، مما يستهلك ما يقرب من 19.2 مليار دينار ليبي في عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع استهلاك الوقود في ليبيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما يشير إلى عيوب في السياسة الحالية لدعم الوقود.

لمعالجة هذه المخاوف، هناك حاجة ماسة إلى إصلاح شامل لسياسة دعم الوقود. يجب أن يركز هذا الإصلاح على توجيه الدعم إلى الفئات الأكثر ضعفًا، وتعزيز الرقابة على محطات الوقود لمنع التهريب والاحتكار، ووضع استراتيجية لقطاع الكهرباء للحد من الاعتماد على الغاز الطبيعي المدعوم. يمكن أن تساعد هذه الإجراءات في إدارة موارد الوقود بشكل فعال، وضمان توزيع عادل للدعم وتخفيف العبء المالي على ميزانية الدولة.

المنهجية

ركز الفريق على رصد ردود الفعل المتباينة والمُتتابعة جراء تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة حول إلغاء أو رفع الدعم عن المحروقات في ليبيا، وعمل الفريق على رصد وتحليل ردود الفعل بين الفترة الزمنية المُمتدة من 7 يناير وصولاً إلى 21 يناير الجاري، باستخدام عدة أدوات تحليل لمواقع التواصل الاجتماعي فيما استخدمت الكلمات المفتاحية وهي (المحروقات، دبيبة، رفع الدعم، التهريب)
كما عمل الفريق على تحليل البيانات الصادرة عن تقارير ديوان المُحاسبة وبيانات البنك المركزي الليبي حول الإنفاق الحكومي على قطاع المحروقات في ليبيا.

النتائج الرئيسية

• الموضوع ذو أهمية معتدلة بالنسبة إلى جمهور مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
• الموضوع له نطاق واسع، ولكن ليس كل من يراه يشارك فيه.
• تأتي غالبية المشاركة والتفاعلات على موقع فيسبوك.
• يُنظر إلى الموضوع عمومًا على أنه مثير للجدل.

مُلاحظات هامة

• يتزايد عدد الإشارات الاجتماعية والوصول إليها بمرور الوقت، مما يشير إلى أن الموضوع يكتسب زخمًا.
• ظلت مشاعر الإشارات ثابتة إلى حد ما، مع ارتفاعٍ في المشاعر السلبية.
• كان الإطار الزمني للرصد يشمل من يوم 07 يناير إلى غاية يوم 21 يناير.
• يُناقش الموضوع عبر مجموعات متنوعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يُشير إلى أنه لا يقتصر على أي مكانة أو جغرافية معينة.

تحليل البيانات المقدمة

1. إجمالي الإشارات:

تم العثور على إجمالي 2433 إشارة إلى الموضوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي والويب. هذا يشير إلى أن الموضوع ذو أهمية معتدلة للجمهور العام.

2. النطاق الاجتماعي:

كان نطاق الموضوع على وسائل التواصل الاجتماعي 48.3 مليون مستخدم فريد. هذا يعني أن الموضوع قد شاهده جمهور كبير، على الرغم من أن ليس كل من شاهده شارك فيه.

3. المشاركة الاجتماعية:

كان هناك 36 ألف تفاعل اجتماعي مع الموضوع. ويشمل ذلك الإعجابات والتعليقات والمشاركة وإعادة التغريد. جاءت غالبية المشاركة على موقع فيسبوك بنسبة 63.7% يليها المواقع الإلكترونية بنسبة 22.3% يليها موقع إكس/تويتر بنسبة 12.5% ومن ثم موقع يوتيوب بنسبة 1.5%.

4. تحليل المشاعر:

كانت غالبية مشاعر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي محايدة تجاه تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية بخصوص موضوع رفع دعم المحروقات بنسبة بلغت 52% فيما كانت بنسبة سلبية مرتفعة بلغت 40% تليها إيجابية بنسبة مُتدنية بلغت 7.9%، وهذا ما يشير إلى أن الموضوع يٌنظر إليه عموماً على إنه مُثير للجدل.

تحليل الخريطة:

تُظهر الخريطة مناطق العالم التي تمت الإشارة إليها في الوسائط الاجتماعية باستخدام الكلمات “ليبيا” و “الأزمة الليبية”. وتُظهر الخريطة أن مناطق شمال إفريقيا والشرق الأوسط هي الأكثر شيوعًا في الإشارات

وفقاً للبيانات المٌقدمة فإن البلدان التي لديها أكبر عدد من الإشارات هي:
1- ليبيا 51%
2- الجزائر 11%
3- سوريا 6%
4- مصر 6%
5- الولايات المٌتحدة الأمريكية 4%
6- السعودية 3%
7- تونس 3%
8- المغرب 3%

المناطق ذات الألوان الأكثر كثافة تحتوي على المزيد من الإشارات

كما هو موضح في الخريطة، تتوافق المناطق ذات الألوان الأكثر كثافة مع البلدان التي لديها أكبر عدد من الإشارات. هذا يشير إلى أن هناك علاقة بين عدد الإشارات وكثافة السكان في المنطقة.

التحليل:

يمكن تفسير هذه النتائج بعدة طرق. أولاً: من المحتمل أن يكون هناك اهتمام أكبر بالأزمة الليبية في البلدان المجاورة. ثانيًا، قد يكون هناك انتشار أكبر للأخبار والمعلومات حول الأزمة الليبية في وسائل التواصل الاجتماعي في هذه البلدان. ثالثًا، قد يكون هناك مشاركة أكبر من قبل الأفراد في هذه البلدان في المناقشات حول الأزمة الليبية.

1- تُظهر سحابة الكلمات المفتاحية أن أكثر الكلمات شيوعاً المستخدمة في الإشارة للقرار المزعوم هي “دعم، ليبيا، مواطن، الحكومة، الدبيبة، تهريب، المحروقات، الوقود” وغيرها العديد.
(انظر إلى الرسم البياني)

2- تصدرت أبرز المواقع الإخبارية الليبية والعربية قائمة الأكثر زواراً للأخبار التي تم تناقلها حول رفع الدعم عن المحروقات في ليبيا، ولعل تطبيق نبض الإخباري حصد أعلى معدل زوار وقراءة للأخبار المرتبطة بتصريحات رئيس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية، فيما يأتي موقع عين ليبيا الإخباري في المرتبة الثانية، يليه بالمرتبة الثالثة محرك البحث أخبار ليبيا، وبالمرتبة الرابعة موقع المرصد الليبي الذي يُدار من جهة مجهولة في دولة الإمارات.

المعارضون للقرار

يرى المُعارضون لقرار رفع الدعم عن المحروقات أنه سيزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين خاصةً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتدهور قيمة الدينار الليبي، كما يرى المُعارضون أنه سيؤدي إلى تفاقم أزمة التهريب ويدفع المواطنين لشراء الوقود من السوق السوداء، وسيزيد من هشاشة العدالة الاجتماعية المفقودة وظُلم المواطنين بشكل أكبر.

المؤيدون للقرار

يرى المؤيدون للقرار أنه ضروري لمعالجة مشكلة تهريب المحروقات حيث سيؤدي إلى تقليص كميات الوقود المُهربة وبالتالي توفير أكبر للموارد المالية للدولة الليبية، كما يرى المُؤيدون إن القرار سيؤدي إلى تعزيز العدالة الاجتماعية حيث إن المواطنين سيدفعون السعر الحقيقي للوقود.

السيناريوهات المحتملة

من المُحتمل أن يؤدي هذا القرار إلى تنامي الاحتجاجات الشعبية في الشوارع، خاصةً في المدن الليبية الكبرى، فضلاً عن تفاقم الأزمة السياسية في البلاد، إذ قد تستغل الأطراف المُتنازعة القرار لتأجيج الموقف وتزايد الضغوطات على حكومة الوحدة الوطنية.

الاستنتاجات والتوصيات

تُشير نتائج الرصد إلى أنه على حكومة الوحدة الوطنية أن تُعيد النظر في كيفية اتخاذها لهذا القرار المفصلي وتنفيذه، ومدى تأثيره على عموم الليبيين، ويجب على الحكومة أن تُشارك عددا أوسع من الخبراء في صُنع القرار وأن يكون أكثر شفافية وشمولية.

يجب على حكومة الوحدة الوطنية وضع خُطة لمواجهة مخاوف الجمهور من عموم الشعب الليبي بشأن رفع الدعم عن المحروقات، ويمكن أن تتضمن الخطة تقديم مُساعدات موجهة للمجموعات الضعيفة، وأن تعمل على بناء الثقة مع عموم الشعب وتعزيز الحوار والتفاهم البناء حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

كما يجب على حكومة الوحدة الوطنية وضع خطط بديلة لمعالجة مشكلة تهريب الوقود، حتى لا تنفجر الأزمة في حال فشل تمرير قرار رفع الدعم عن المحروقات، وإن كان جزئياً.

كما يجب على الحكومة أن تعمل على تطوير وسائل النقل العام والبنى التحتية، ودعم مسارات نقل المواد الغذائية والطبية والمواد الخام لعموم البلاد، كما على الحكومة أن تشرح بشكل واضح وشفاف سبب اتخاذها لهذا الإجراء، فضلاً عن تعزيز التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لضمان إصلاح قطاع دعم المحروقات في ليبيا، والتركيز على تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع الليبي.