الإخلالات المهنية في النزاعات المُسلحة والإرهاب في طليعة خطاب الكراهية بالإعلام الليبي


الإعلام الليبي يفشل في تحقيق السلام في البلاد

طرابلس –  14  يونيو/ دراسة بحثية جديد تنجزها وحدة رصد وسائل الإعلام لدى المركز الليبي لحرية الصحافة( الإخلالات المهنية في النزاعات المُسلحة والإرهاب في طليعة خطاب الكراهية بالإعلام الليبي )جاءت لتؤكد بشكل قاطع مدى تفشي خطاب الكراهية والتحريض على الجريمة والعنف بالإعلام الليبي، الذي يغذي النزاع ولا يدعم السلام بالبلاد  نتيجة جسامة الإخلالات المهنية المرتكبة خصوصاً في تغطية النزاعات المسلحة وقضايا الإرهاب في الفضائيات الليبية الممولة من أطراف النزاع المختلفة.
أنجزت الدراسة على عينة أسبوع كامل بين الفترة من 15 إلى 21 مارس الماضي لـ 12 قناة تلفزيونية، هي الأكثر مشاهدة وتأثير ا بالبلاد، ولعل رصد الإخلالات المهنية  في تغطية النزاعات المسلحة وقضايا الإرهاب يُعد مبادرة وطنية رائدة والأولى من نوعها في تحليل المضامين الإعلامية بتاريخ الإعلام الليبي

 

ويتضمن التقرير الثاني؛ “رصد الإخلالات المهنية في النزاعات المسلحة والإرهاب وخطاب الكراهية “،  أكثر من 252 حلقة تلفزيونية لبرامج مختلفة و168 نشرة في 12 قناة تلفزيونية شملها الرصد الإعلامي في حصيلة نهائية قدرت بـ 420 ساعة تلفزيونية ظهر خلالها أكثر من 75  شخصا بين مقدمي برامج وضيوف، منهم مسؤولين عسكريين وقادة قبائل وجماعات مسلحة ونواب بمجلسي الدولة والنواب، ووزراء حكومات  وأكادميين وخبراء ورجال دين وناشطين والمواطنين .

وبهذا الصدد يقول محمد الناجم الرئيس التنفيذي للمركز الليبي لحرية الصحافة: “إن أطراف النزاع المختلفة والتي تقف وراء وسائل الإعلام الأكثر خطاباً للكراهية والإخلالات المهنية، هي التي تغذي النزاع المُسلح على الأرض، وتقف ضد السلام في البلاد عبر محتوى بصري مليء بالحقد والكراهية.

ويُضيف الناجم: إنه لابد من التفكير جدياً في الدور الذي يلعبه الإعلام الليبي ومدي تأثيره على النزاع الجاري في سياق الأزمة وان ندفع وسائل الإعلام المختلفة في دعم الديمقراطية والسلام بالبلاد  ” .

وقد أحصى فريق الراصدين 1070 إخلالاً مهنياً، تركز الجزء الأكبر بخطابات التحريض، تليها الأخطاء المهنية في تغطية مجريات الأحداث والنزاعات المُسلحة، وقد لاحظنا إن القنوات الفضائية التي تصدرت “الأكثر إخلالاً مهنيا”، ذات توجهات وتيارات مختلفة؛ “إسلامية، عملية الكرامة، أنصار النظام السابق”، وجاءت فيها قناة التناصح  التي تبث من طرابلس بنسبة بلغت  41%، والتي تركزت معظم أخطائها المهنية في التنميط والوصم، ونشر صور القتلى وعائلاتهم ناهيك عن حالات التحريض المُباشر.

تليها قناة ليبيا الحدث والتي تبث من مدينة بنغازي بنسبة قاربت   17% ترتكب إخلالات مهنية جسيمة كالتحقير والوصم ونشر صور القتلى، وعرض الاستجوابات مع الضحايا أو المتهمين، وجميعها تُعد خرقاُ للقانون الإنساني الدولي، ومن ثم قناة ليبيا الإخبارية وهي كذلك تبث من بنغازي بنسبة فاقت 14% ويرتكب مذيعوها وضيوفها إخلالات مهنية فظيعة تصل لحد إطلاق التهديدات والوعيد بالقتل العمل والاعتقال التعسفي، مما تعد جرائم جنائية وضد الإنسانية ترتكب في  الفضاء العام.

وتأتي قناة ليبيا 24  وهي تبث من العاصمة لندن في التصنيف الرابع بنسبة بلغت 14% وتركزت الإخلالات المهنية بها على الوصم والتحقير والدعوة للتحريض والقتل فضلاً عن نشر تسجيلات الجرائم الإرهابية، ومن ثم تأتي قنوات كالرائد، وبانوراما، والأحرار، و218، بنسب تتفاوت بين  3 % إلى  5 %، تليها توباكتس، والأولى، والرسمية، بنسبة أقل من 1%.

ولعل من المؤسف أن يتصدر  مقدمو البرامج قائمة الأكثر ارتكاباً للخروقات المهنية بنسبة بلغت 34 % تليها القناة التلفزيونية؛ كمنتج للخرق بنسبة بلغت 29 %، ومن ثم جهات عسكرية نظامية أو غير نظامية بنسبة قاربت 8 %، فيما تصدرت نشرات الأخبار أكثر الأشكال التلفزيونية التي يقع بها الإخلالات المهنية بنسبة بلغت  42% تليها البرامج السياسية بنسبة بلغت 28 %

 

 

 

وبالنظر لطبيعة خطابات الكراهية نجد ارتفاعاً كبيراً في التنميط والوصم  والتحقير بنسبة بلغت 48 % تليها حوادث التحريض المباشر بشتي الطرق، بنسبة بلغت 32 % تليها السب والشتم والدعوة للقتل والتمييز على أساس اللون أو الجنس أو العرق والتكفير وعدم احترام كرامة الإنسان.
فيما تتركز طبيعة الخروقات المهنية في النزاعات المسلحة والإرهاب على نشر صور القتلى وعائلاتهم بنسبة بلغت 46 % تليها نشر تسجيلات الجرائم الإرهابية بنسبة بلغت 33 % تليها عرض الاستجوابات مع الضحايا أو المتهمين بنسبة بلغت 16%، تليها نشر صور وفيديوهات تمجد استهداف المدنيين، ونشر أخبار حول عمليات أمنية، وتنزيل بيانات الجماعات الإرهابية بشكل حرفي.

وهنا لابد من التركيز  بشكل جدي في تشكيل لجنة وطنية عُليا لدراسة أوضاع قطاع الإعلام السمعي والبصري، بهدف وضع رؤية وطنية للإصلاح، وإعادة هيكلية القطاع، بما يضمن استقلالية وسائل الإعلام، بعيداً عن التأثير المال السياسي، والقبلي المتوغل فيها، فضلاً على ضرورة توعية السياسيين، ورجال الدين، وقادة القبائل، والجماعات المسلحة، بخطورة خطاباتهم التي يصدرونها للجمهور عبر منصات الإعلام المختلفة.