تقرير – تاريخ الرصد ( 7 – 21 مايو 2025 )
مقدمة:
أثارت حادثة مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، رئيس جهاز دعم الاستقرار، في مساء غامض لم تُفهم ملابساته الكاملة حالة من الذهول في الشارع الليبي،بينما لم تُصدر الجهات الرسمية بيانًا واضحًا بشأن مٌلابسات الحادثة .
عمّ الارتباك والقلق أوساط المواطنين، والتشكيلات المسلحة المتحامية بالمناطق السكنية، إلا أن ما أعقب تلك الليلة كان أكثر خطورة، إذ اندلعت اشتباكات مسلحة في ليلة اليوم التالي داخل عدة أحياء في طرابلس، بالتزامن مع تحركات غاضبة واحتجاجات شعبية غير مسبوقة في بعض مناطق العاصمة، فَسر بعضها بأنها منظمة من قبل أطراف سياسية
إذ جاءت هذه التحركات في أعقاب إصدار رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة جملة من القرارات المثيرة للجدل، شملت إلغاء إدارة العمليات والأمن القضائي، ونقل تبعية هيئة أمن المرافق والمنشآت إلى وزارة الداخلية، بالإضافة إلى حل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، ما اعتبره كثيرون مساسًا بتوازنات أمنية حساسة داخل العاصمة.
انتشرت مقاطع مصوّرة توثق حالة الفوضى إطلاق النار، وتمركز جماعات مسلحة في مفترقات الطرق، بينما تداولت منصات التواصل منشورات تندد بانفلات الوضع الأمني، وتطالب برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة، وتحملها المسؤولية المباشرة عن الانهيار الأمني وتفكك مؤسسات الدولة.
ترافقت هذه التطورات والأحداث الدامية، التي طالت المواطنين والممتلكات، مع موجة تفاعل غير مسبوقة على المنصات الرقمية، وسط صراع محموم بين الحسابات السياسية والإعلامية التي قدّمت روايات متضاربة لما حدث، ما أسهم في تصاعد خطابات الكراهية وموجة من الأخبار المضللة.
المنهجية والملخص التنفيذي:
يستند هذا التقرير إلى تحليل بيانات من منصتي (News Whip و Meltwater ) خلال الفترة من 7 إلى 21 مايو 2025، وذلك عبر تتبع أكثر المنشورات تداولًا وتفاعلًا على منصات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تيك توك، إنستغرام، وتويتر)، إلى جانب المقالات الإخبارية الرقمية، مع توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي لرصد المشاعر وتصنيف المحتوى وتتبع المفردات والكلمات المفتاحية المرتبطة بالأزمة.
خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 21 مايو 2025، تفاعل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع مع الأحداث الأمنية المتسارعة في العاصمة طرابلس، حيث أظهرت بيانات منصتي (Meltwater News Whip ) أن إجمالي التفاعلات الرقمية بلغ أكثر من 3.7 مليون تفاعل، منها 966 ألف تفاعل تم رصدها عبر Meltwater، و2.75 مليون تفاعل موثقة على News Whip، شملت المقالات الإخبارية والمحتوى المنشور على منصات التواصل الاجتماعي.
التفاعل العام
بلغ مجموع التفاعلات عبر جميع المنصات 2.75 مليون تفاعل، مع تقدير لوصول المحتوى إلى أكثر من 20 مليون مستخدم خلال فترة الرصد وذلك حسب منصة (NewsWhip).
في حين بلغ إجمالي الوصول الرقمي حسب منصة (Meltwater) حوالي 7.87 مليار ظهور رقمي بما يعادل (زيادة بنسبة 1027٪ مقارنة بالفترة السابقة)، في حين تجاوز متوسط الوصول اليومي 562 مليون ظهور، مقارنة بـ49.9 مليون في الفترة السابقة بإجمالي تفاعل يقاس بــ 966 ألف تفاعل، هذا يشير إلى أن أدوات القياس تختلف باختلاف المنصات والمنهجيات، لكن كلا المصدرين يتفقان على أن هذه الأرقام تشير إلى أن التفاعل لم يكن فقط مرتفعًا، بل انتقل إلى مستوى يتجاوز الانتشار المحلي، حيث أصبح التريند ذا صدى إقليمي وربما دولي، وسط تفاقم الأزمة الأمنية والسياسية في طرابلس.
تحليل المشاعر
أظهر تحليل المشاعر أن 49.3% من الإشارات حملت طابعًا سلبيًا، بينما كانت 48% محايدة، 2.6% إيجابية، ما يعكس مستوى الغضب الشعبي والقلق المتنامي تجاه أداء الحكومة، في ظل غياب الرواية الرسمية وانفلات الأوضاع الأمنية في العاصمة.
تحليل التفاعلات الرقمية
- المحتوى المصوّر (فيديوهات وصور) كان الأكثر انتشارًا، لا سيما على تيك توك وإنستغرام.
- أعلى المنشورات تركزت حول تصريحات عبد الحميد الدبيبة، وتحركات اللواء 444 قتـال ، و”غنيوة”.
- الصفحات التي تصدرت النشر: @HAKOMITNA، @LibyaAlAhrarTV، @Alhadath، @Asharqnews.
يُظهر الجدول أعلاه تفاوتًا واضحًا في أنماط التفاعل، حيث تفوقت المنصات القائمة على المحتوى المصور (فيسبوك وتيك توك) في إثارة الاهتمام العام، بينما ظل التفاعل في تويتر أكثر تركيزًا على النقاشات السياسية والروايات المتضاربة. للمعلومة بسبب ضعف الإعلام الرسمي.
1. الاستنتاج:
- تكشف البيانات أن تفاعل المستخدمين لم يكن مجرد استجابة لحادثة أمنية عابرة، بل كان انعكاسًا لأزمة سياسية وأمنية أعمق تعصف بالعاصمة طرابلس، فحادثة مقتل عبد الغني الككلي لم تُفجر فقط اشتباكات مسلحة، بل أطلقت موجة من الغضب الشعبي المكبوت، خاصة مع التراكم الزمني لانعدام الثقة بالحكومة والمؤسسات الأمنية.
- السياق العام للتفاعل الرقمي أظهر هشاشة البنية الإعلامية الرسمية، وترك فراغًا معلوماتيًا ملأته روايات متضاربة، أغلبها مضلل، ما أدى إلى تعميق الشرخ الاجتماعي والسياسي.
- فيسبوك وتيك توك لم يكونا مجرد منصات عرض، بل تحولا إلى ساحات افتراضية لصياغة الرأي العام وممارسة الضغط السياسي وتضليل الجمهور بمعلومات كاذبة.
- كما أن التفاعل لم يقتصر على الداخل الليبي، بل امتد ليشمل تفاعلات كثيفة من جمهور عربي ودولي.
